أسامة خلف

على مدار أربع سنوات ومنذ خروج الدفعة الأولى من نساء وأطفال من مخيم الهول الواقع في ريف الحسكة إبان كفالة شيوخ ووجهاء العشائر بالرقة، واجهت تلك العوائل حالات متعددة وقضايا أبرزها كان “انتشار الأمية بين الأطفال، سوء الواقع المعيشي، تنمر بعض الفئات من المجتمع، والقيود المكتومة وانعدام الثبوتيات”.

عمل المجلس المدني بالرقة واللجنة الداخلية على توثيق أسماء العائدين عبر أربع دفعات منذ العام 2019 وحتى 2023، كأول عمل يضمن تسجيل وإحصاء تلك العوائل فور وصولهم إلى الرقة وتسلميهم لذويهم وكفلائهم من شيوخ ووجاهات.

توجهت بعض المنظمات العاملة بالرقة لإقامة برامج وتخصيص أنشطة موجهة للنساء والأطفال، كالتي أقامتها “منظمة أوكسجين” و”خطوة “ونساء السلام” و”شباب تفاؤل” وتم تشكيل لجنة “حل النزاع” المعنية بمتابعة أمور وأوضاع تلك الأسر والوقوف على احتياجاتهم.

وعملت سائل إعلامية محلية على تقصي أوضاع وأحوال تلك العوائل، وتم تجسيد “عمل سينمائي ” بعنوان “قيد مكتوم ” يحاكي مسألة الأطفال الرضع والصغار العائدين من الهول، وكيفية تنمر المجتمع ورفضه لتلك النساء وأطفالهن.

تقول فاطمة “أم حيدر” 43عاما، وهي إحدى العائدات من مخيم الهول وتقطن وشقيقتها وأطفالهن في حي الدرعية بالرقة: “منذ خروجي وأختي وأبناءنا من المخيم بدأت رحلة العناء والشقاء؛ فالقصة لم تنتهِ عند خروجنا من الهول بل بدأت منذ غياب المعيل، والتنصل من تأمين مصاريفنا وأطفالنا من قبل القريب والبعيد، وارتفاع آجار المنزل والتنقل الدائم من حي إلى حي بحثا عن رخص في الآجار”.

تضيف: “خاصة وإننا لا نملك سوى ما يعمله أطفالنا المكتومون والمجردون من الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية كوننا لا نمتلك إثباتات، ونحتاج كل شيء ولا نمتلك بالأصل شيئا من مقومات المنزل والحياة”.

وتردف فاطمة: “نحتاج الطبابة لي ولأطفالي، والواقع الاجتماعي يحتاج ثبوتيات ومتعلقات شخصية، وتمضي طفولة أبنائنا دون دراسة، وأيضا غياب نظام الإغاثة والرعاية وتعليم المهن، فأنا دون معيل وأرملة، والعمل هو الأولى بالنسبة لي”.

بدورها تقول “منى” وهي إحدى النساء العائدات من مخيم الهول، وتنحدر من مدينة حلب وتقطن في حي الادخار بالرقة: “نعاني من انعدام وسائل التدفئة ومستحقاتنا منها ومن الخبز”.

وتضيف: “المعاناة الأولى والكبرى هي المأوى وارتفاع الأجور وجميعها تتعدى 50 دولار، والاصطدام دوما مع أصحاب المنازل، ونحن بغياب أرباب الأسر يتراكم علينا مبالغ طائلة كمستحقات أجور شهرية، أيضاً المرهق الآخر هو مسألة تأمين مازوت التدفئة من الكومينات نتيجة غياب الثبوتيات وسواه من الإعانات الغذائية والخبز المدعوم كـسوانا من العوائل والجوار”.

وتوضح منى: “غلاء الأسعار واقتناء مدافئ هو مثقل آخر بغياب أي مشاريع مخصصة لنا كنساء عائدات وقلة فرص العمل والأطفال ومصاريفهم أثقلت الحياة بالنسبة لنا”.

وعقدت عدة منظمات جلسات دمج وحوار منها مبادرة “شباب تفاؤل ” التي نظمها الناشط المدني “سردار شريف” والناشطة “ريم ناصيف ” والتي قالت: “من خلال عملي كناشطة مدنية كانت لدي فرصة الاحتكاك مع النساء العائدات من الهول في الوقت الذي يتحاشى الناس والسكان حتى التلفظ بموضوعهم، وأقمت عدة جلسات دمج معهن برفقة الناشط “سردار شريف”، وتعرفت بشكل وثيق على قصصهن ومعاناتهن، وبعد زيارات متكررة لبيوتهن، التمست العديد من الاحتياجات الأساسية ومنها الثبوتيات”.

وتتابع ريم: “مادة الخبز والمازوت، الأثاث أيضا، فأغلب منازلهن خاوية من الأثاث والفرش، أيضا التعليم وأمية الأطفال، تأمين فرص عمل وهي الأولوية القصوى كونهن أرامل”، مضيفة: “نحن كنساء سوريات نعتبرهن أخواتنا ونحن كشرقيات معروف أن المرأة تتبع زوجها وأنا اعتبرهن “ضحايا حرب ” لا ذنب لهن بما جرى ولا يتحملن ما قدرت لهن الظروف”.

بالمقابل نظمت لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في الإدارة المدنية الديمقراطية للرقة في الخامس من كانون الأول 2023، مؤتمر إعادة الدمج المجتمعي للعائدين من مخيم الهول تحت شعار “نحو مجتمع أكثر تماسكاً”، الذي يهدف لإعادة دمج العوائل العائدة من مخيم الهول في المجتمع بشكل سليم.

وتضمن المؤتمر عدة نقاشات تمحورت بإيجاد طرق سليمة لإعادة دمج العوائل العائدة من المخيم في المجتمع، وتقديم كافة الاحتياجات اللازمة من الجانب الصحي والتعليمي والخدمي ضمن الإمكانيات المتاحة.

وخرج المؤتمر بعدة توصيات أبرزها: “إنشاء دفتر رعاية اجتماعية خاص بكل عائلة عائدة من المخيم، وتأسيس مجموعة عمل مشتركة تتضمن لجان ومكاتب المجلس التنفيذي للرقة والمنظمات العاملة في المنطقة وتقديم الخدمات للعوائل كلاً على حدة، العمل على تأسيس عدة مشاريع تساعد في تقديم الإعانة المادية لهذه العوائل، تسليط الضوء إعلامياً على هذه الفئة من ناحية المنظمات العاملة ولجان المجلس التنفيذي، زيادة التنسيق بين المنظمات ولجنة الشؤون الاجتماعية والعمل للرقة ومركز الرعاية الاجتماعية، وتشكيل مجموعات تواصل وتنسيق للتمكن من إيصال اوضاع هذه العوائل للمستوى الدولي”.

الصورة المرفقة :تعبيرية من النت

By admin-z