مفهوم الصحافة :

الصحافة من أقدم وسائل الإعلام الجماهيرية البارزة وصاحبة دور فعال في تقديم خدمات عديدة لأطراف العملية الإعلامية ، وهي المهنة التي تعتمد على نشر الخبر ، وتقديم مواد الرأي ، وغايتها تسليط الضوء على أحداث سياسية ، اجتماعية ، ثقافية مرتبطة بالمجتمع المحلي والدولي ، ولتصبح حلقة وسطى بين السلطة والشعب ، وبين الفعاليات المكونة للمجتمع . وبهذا فهي تساهم في تكوين مجموعة من الأبعاد الفكرية والتي تؤدي الى تشكيل الرأي العام بفضل المعلومات التي يتم تدفقها إلى الشعب .

الصحافة عبر التاريخ :

لم تكن الصحافة معروفة باسمها الحالي في العصور القديمة ، بل كانت عبارة عن مجموعة من الأخبار الشفهية يتم تداولها بين الناس ، والتي تعتمد على فكرة الإعلان العام ، فيتم إرسال شخص معين إلى أكثر الأماكن اكتظاظاً وخصوصاً الأسواق الشعبية ليقف وسط حشد يقرأ على مسامعهم خبراً ، أو مرسوماً ، وهكذا يتم تداول الخبر بين الناس حتى أختراع الطباعة على يد “يوحنا غوتنبرغ” الذي أنهى احتكار القراءة للطبقة الميسورة في المجتمع ، وصار بإمكان العامة من القراءة والتعلم والتزود بالأخبار ، لتظهر أول صحيفة انكليزية للتاريخ سنة ١٧٠٢ وكانت اسمها “الدايلي كورانت ” في فرنسا فقد ظهرت اول صحيفة عام ١٧٧٧ م وكانت اسمها” جورنال دي باريس” اما في الوطن العربي فكان السبق لجريدة “الوقائع المصرية “عام ١٨٢٨ م اما عند الكرد تأخر ظهورها حتى عام ١٨٩٨ م لتظهر باسم “كردستان” على يد مقداد بدرخان في القاهرة .

بدايات نشوء الصحافة الكردية :

صحيفة كُردستان اول صحيفة كردية خرجت الى النور في ٢٢ نيسان عام ١٨٩٨ أسسها الأمير الكردي مقداد مدحت بدرخان باسم كردستان ، وأعتبر هذا اليوم عيداً للصحافة الكردية ، يحتفل به الصحافيون الكرد في العالم ومقداد بدرخان سليل عائلة حكمت جزيرة بوطان والواقعة في ولاية شرناخ في الجزء الملحق من كردستان بتركيا . كتب في افتتاحية العدد الأول : “وضعت نصب عيني هدف ترسيخ الأهتمام بشؤون ابناء قومي الكرد إزاء التعليم ، ولأفتح فرصة التعرف إلى حضارة العصر وتقدمه ولا أبتغي من صدور هذه الجريدة سوى خدمة مصالح شعبي وسعادته ورفع المستوى الثقافي لابناء بلدي “مجلة روج كرد ” يوم الكُرد” وهي اول مجلة كردية صدرت من قبل الجمعية الطلابية هيفي في ٦ حزيران عام ١٩١٣ . صحيفة تيكشتني راستي “فهم الحقيقة” صدرت في عام ١٩١٨ في بغداد ، واستمرت حتى عام ١٩١٩ وحررت باللهجة الجنوبية السورانية وصدر منها ٦٧ عدداً فقط . صحيفة جين “الحياة” اصدرها مجموعة من المثقفين والطلبة الكرد في استانبول عام ١٩١٩ ، كُتبت باللهجة الكرمانجية والأبجدية العربية ، توقفت الجريدة بعد ٢٢ عدد عام ١٩٢٠ . كردستان عادت الصحيفة للنشر من جديد على يد ثريا بدرخان وصدر العدد الاول منها في استانبول بتاريخ ٣١ كانون الثاني عان ١٩١٩ . مجلة هاوار “الصرخة” بداية انطلاق الصحافة الكردية في سوريا ، أصدرها الامير جلادت بدرخان بالأبجدية اللاتينية في دمشق ، بعد أخذ موافقة من الحكومة السورية بتاريخ ١٥/٥/١٩٣٢ ، وهي مجلة نصف شهرية صدرت أول الأمر بالأبجدية العربية واللاتينية ثم اكتفت باللاتينية . أحدثت مجلة هاوار نقلة نوعية في الثقافة والأدب الكرديين ، وصدرت باللهجة الكرمانجية ولأول مرة بالابجدية اللاتينية ، وتركيزها على نشر بحوث والدراسات التي صبت جل اهتمامها على مسائل اللغة الكردية ، ولهجاتها المختلفة ، إلى جانب الشؤون العامة توقفت المجلة عن الصدور عام ١٩٤٢ بعد ٥٧ عدداً .

المراحل التي مرت بها الصحافة الكُردية وخصوصيتها :

يمكننا اعتبار صحيفة كردستان كبشير خير لنشوء الصحافة الكردية، والتي مرت بمراحل مهمة خلال القرن الماضي ، من صحافة تعريف بالهوية القومية للشعب الكردي في بدايات القرن الماضي وحتى الحرب العالمية الاولى ، استفادت الصحافة الكردية من التناقضات والصراع على كردستان بين دول الحلفاء والمحور ، وتحديدا بين البريطانيين والعثمانيين الذين كانوا بحاجة لأستقطاب الكرد إلى جانبهم ، مما فتح الباب للصحافة الكردية بالخروج الى النور . بعد الحرب العالمية الأولى وحتى اربعينيات القرن الماضي انتعشت الصحافة الكردية في كردستان الجنوبية اي القسم الملحق بالعراق نوعاً ما ، خاصة بعد ان جلب البريطانيون مطبعة إلى مدينة السليمانية ، كان لها الأثر البالغ في ابقاء اللغة الكردية حية دون اندثار، وكان لها الدور في الحفاظ على سلامة اللغة وإذكاء الروح القومية بين ابناء الشعب الكردي ، بعكس الجزء الشمالي من كردستان الذي التحق بتركيا والذي بعد أن سيطر الكماليون على السلطة من العثمانيين ، حاربوا كل ما يمت بصلة بالثقافة الكردية ، سواء كانت الصحافة ، أو اللغة الكردية عامة، في إطار سياسة التتريك التي لاتزال سارية حتى يومنا هذا . مع بداية الأربعينيات أصطبغت الصحافة الكردية بطابع حزبي بحت بعد تشكل الأحزاب الكردية وتوجهها نحو المقاومة، ولاتزال هذه الصحافة وبغالبيتها حتى يومنا هذا حزبية التوجه والمنشأ ، رغم التاريخ الطويل والشاق والمراحل الصعبة التي اجتازتها في مسيرتها إلا أن الصحافة الكردية لم تستطع خلع عباءة الحزبية السياسية وحتى المناطقية أحيانا أخرى ، هذه التوجهات تحد من قدرة الصحافة على تكوين رأي عام كردي موحد ، او حتى خطاب إعلامي كردي متفق عليه في المحافل الدولية .

المصادر

الموسوعة الصحفية الكردية في العراق …….الباحث والصحفي العراقي فائق البطي

الصحافة الكردية …. تاريخ حافل من اجتهادات شخصية ومبادرات حزبية الكاتب الصحفي إحسان عزيز

By admin-z