سيرته : ولد شيركو بيكه س في مدينة حلبجة ، عام 1940 ، من عائلة وطنية تحمل أفكاراً تقدمية ، كان والده” فائق ” من الشعراء المعروفين في عصره ، وطنياً شارك في انتفاضة 1930، وأحد رجالات المقاومة في سبيل نيل الكُرد لحقوقهم ، مناصراً لحقوق المرأة ، دخل إلى السجن ونفي إلى جنوب العراق في ذلك الحين
درس” بيكه س” في مدارس السليمانية حتى التحاقه بالثورة سنة 1965 ، كانت مرحلة مفصلية في حياته حيث بدأ بكتابة القصائد الثورية التي تمجد المقاومة وتراها السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق المسلوبة .
بعد انهيار اتفاقية ” 11 آذار ” بين القيادة الكُردية والحكومة العراقية ، التحق “بيكه س ” بالثورة مجدداً ، ليعمل بالإعلام والإذاعة حتى انهيار الثورة في 1975 بعد اتفاقية الجزائر ، حيث أبُعد إلى الأنبار في غرب العراق لمدة ثلاث سنوات .
تمت دعوته إلى إيطاليا من قبل لجنة حقوق الإنسان في فلورنسا سنة 1987.
حصل على جائزة (توخولسكي ) الأدبية في السويد وطلب اللجوء السياسي فيها سنة 1988 وبقي فيها حتى الانتفاضة الجماهيرية عام 1991 ليعود إلى مسقط رأسه في السليمانية ، رشح نفسه في أول انتخابات شهدها إقليم كُردستان عن قائمة الخضر ، وأصبح عضواٌ في أول برلمان كُردي ، ثم وزيراً للثقافة في الحكومة الكُردية الوليدة ، لكنه لم يلبث أن قدم استقالته لأن روح الشاعر لا تأبه الروتين والملل الحكومي .
مُنح جائزة (ثيرة ميرد ) للشعر في السليمانية ، وجائزة (عنقاء ذهبية ) عام2005 .
أعماله :
صدرت له أول مجموعة شعرية عام 1968 ” هودج البكاء ” ، ثم صدر له ” شعاع الشعر ” و “قصائد بوستر “ في منتصف السبعينيات .
في بداية السبعينيات أصدر بيكه س مع مجموعة من الأدباء الكُرد بيان (روانكه – المرصد ) ودعوا فيه إلى حداثة الشعر الكُردي ، عبر تجديد اللغة الشعرية وتصحيح الممارسة النقدية .
بلغ عدد مجموعاته الشعرية أكثر من خمس وثلاثين مجموعة شعرية ، ومسرحيتين شعريتين ،
عطاء
لا تحزني أيتها الفراشة
لعمرك القصير
لأنك وفي الغمصة تلك
منحت طولاً لعمر الشعر
لم يعطه حتى “نوح “
فلا تحزني أيتها الفراشة

أدار “بيكه س” مؤسسة “سردم ” للطباعة والنشر والتي عنيت بنشر الأدب والثقافة الكُردية ، وترجمت بعض من قصائده إلى عشر لغات عالمية : الانكليزية ، الفرنسية ، الايطالية ، الألمانية ، السويدية ، الدانمركية ، المجرية ، الفارسية ، التركية ، العربية
بعد الحرب
وعلى صهوة غيمة بيضاء
سافر لحن وشعر وقصة معاً
لزيارة بحيرة أرملة
نزلوا بخيوط المطر فوقها
تمشوا مع الريح حتى جدائل البحيرة
صنع اللحن من الحب سماء جديدة
صارت القصة طائراً بجناحين كبيرين
وطارت في السماء الجديدة
صار الشعر أفقاً فتياً
وفي أول أيام نوروز
تزوج من البحيرة الأرملة

كان “شيركو بيكه س” يضجر من الأوزان والقوافي ، متحرراً من من قيود الشعر الكُردي الكلاسيكي ، تحدث عن هموم شعبه وقضاياه في جميع قصائده وظل أسيراً لمعاناة هذا الشعب ، تأثر الشاعر كثيراً بفاجعة حلبجة ، كتب قصيدته المشهورة ” رسالة إلى الرب ” عن القصف الكيماوي الذي تعرضت له مدينة حلبجة عام 1988
ستذهب حلبجة إلى بغداد قريباً
عن طريق غزلان سهول” شيروانه “
حاملة معها ، سلة من الغيوم البيضاء
وخمسة آلاف فراشة
تذهب حلبجة إلى بغداد
وعند وصولها
تنهض بكامل هيبتها .. وتحتضنها
ثم تضع طاقية الجواهري على رأسها
بعدها …

وفاته ووصيته :
توقف قلب” بيكه س” عن الخفقان عام 2013 في احدى مشافي ستوكهولم بعد معاناة مع مرض السرطان ، كان الشاعر قد أُدُخل المشفى بعد آلام في الحنجرة ليكتشف الأطباء أصابته بسرطان الرئة التي لم تمهله سوى أشهر معدودة ، ليرحل عن عالمنا عن عمر ناهز 73 عاماً كتب الشاعر عن مرضه قائلاً :
هاهو ذا موتي
يزورني كل ليلة
لمرة أو مرتين
ويتكئ على أحلامي
ها هو ذا موتي
ظل لي
يعد كل يوم خطواتي
يفتش أوراقي
يبحث عن آخر عناويني

كتب “بيكه س” وصيته : لا أريد أن ادفن في التلال لأنها مليئة ، أريد أن ادفن في منتزه ( آزادي ) ، أدفن إلى جوار نصب الشهداء ، هناك المكان أجمل ، انا ، حتى في حالة موتي أتمنى أن أكون قريباً من هؤلاء الناس ، من صوت الموسيقى والأغاني والدبكات .
ليأخذوا مكتبتي ودواويني الشعرية وصوري إلى مزاري ، أريد أن أدفن ملفوفا بعلم كُردستان مع صدى ديلان وأنشودة ” خوايه وطن اواكه ي “
أريد أن تعزف الموسيقى في مراسيم عزائي ، وتعلقوا اللوحات الجميلة لفناني مدينتي في مزاري .
أريد أن تستحدثوا جائزة بعد موتي ، جائزة سنوية باسم “بيكه س” تمنح لأجمل ديوان شعري مختار ، لذلك العام ، وأن تخصص قيمة الجائزة من ميراثي الذي سأخلفه بعد موتي .
ها أنا أراني مع الوحدة
آخر المطاف
هي ، تنطفئ سيكارتها
وأنا أنام نومتي الأبدية

المصادر :
مجلة نزوى .. شيركو بيكه س رائد الحداثة الكردي
حسين بن حمزة .. شيركو بيكه س .. رحيل لوركا الكردي
جريدة المدى : وصية الشاعر شيركو بيكه س

By admin-z